text
stringlengths 2
74
|
---|
وسيلة لتجتمعي بابي مسلم ويدور بينكما الحديث فاحمر وجه جلنار خجلا اذ |
تصورت نفسها في خلوة مع ابي مسلم علي حين انها قد شبت ولم تخاطب من الرجال |
غير والدها وخدم قصرها ثم تذكرت انها لا تستطيع الوصول الي تلك الجلسة الا |
بالتزلف والتذلل والنزول عن عرش انفتها وعزة نفسها ثم هي فوق ذلك ستخالف |
ارادة والدها فضلا عن تعرضها لغضبه اذا علم بذلك الاجتماع السري فلما تصورت |
ذلك غلبت عليها عزة النفس فتراجعت وهي جالسة وهزت راسها ولسان حالها يقول |
لا لا افعل ذلك ففهم الضحاك ما يدور ذهنها فرفع حاجبيه وقلب شفته السفلي ثم |
قال لا انكر يا مولاتي ان ذهابك للاجتماع به لا يخلو من التنازل و فخشيت |
ريحانة ان يذكر لها اصل ابي مسلم ومنشءه فاعترضت حديثه قاءلة لا اري في ذلك |
ضعة ولا تنازلا لانها اذا ذهبت اليه او خاطبته فانها تخاطب اعظم رجل في |
خراسان وهو قاءد رجال الشيعة مع انه شاب وتحت امره شيوخ من قواد |
الخراسانيين وامراءهم ويكفي ان الامام اختاره لهذا المنصب العظيم واذا نظرت |
الي وجهه وهيبته علمت ان المستقبل له لا محالة فلما سمعت جلنار ذلك المديح |
تحركت فيها عوامل الحب فهان عليها كل عسير في سبيله ولكنها ظلت ساكتة وفهم |
الضحاك ان الغرض من ذلك الاعتراض الا يذكر اصل ابي مسلم في حضرتها فقال لا |
انكر منزلة هذا البطل الشاب وانما اردت بالتنازل ذهاب مولاتي الدهقانة اليه |
وهي فتاة الا اذا كانت تحب وبلع ريقه فتلك مسالة اخري هي اعلم بها قال ذلك |
وضحك وهو مطرق براسه وعيناه شاخصتان نحوها اما جلنار فان الاهتمام ظهر في |
عينيها وسكتت وتشاغلت بارسال ضفاءر من شعرها الي ظهرها كانت قد استرسلت الي |
الامام عند انحناءها ثم اصلحت القرط في اذنها وهي مطرقة وادركت ريحانة ولحظ |
الضحاك انها تتردد في امر ذلك الاجتماع وظلوا صامتين هنيهة كانهم يصغون |
لاستماع قصف الرعد وسقوط المطر ولو اصاخوا بسمعهم لسمعوا صوت الجمال عن بعد |
ولكن تساقط المطر وهبوب الرياح اضاعا صوتها واخيرا استانفت ريحانة الحديث |
قاءلة تبصري يا مولاتي في الامر علي مهل فان القوم باقون هنا بضعة ايام |
بسبب الامطار فظلت جلنار صامتة مطرقة فادرك الضحاك انها لا تزال تتهيب امر |
لقاءها ابا مسلم فقال لها اذا اذنت مولاتي لمملوكها ان يصرح بما في ضميره |
فعل قالت جلنار قل قال يظهر لي انك تتهيبين امر ذلك الاجتماع ولا لوم عليك |
ونحن نعلم انفتك وعزة نفسك وعندي راي هل اعرضه عليك فاشارت براسها ان قل |
قال ان ابا مسلم كما لا يخفي عليك قد حصر قواه وعواطفه في امر الدعوة التي |
يقوم بها وما من سبيل يوصلنا الي قلبه غير هذه الدعوة فالذي اراه ان مولاتي |
اذا شق عليها لقاءه وجها لوجه ان تبدا الصلة بينها وبينه بشء يدل علي |
اشتراكها معه في هذا الامر ويكون ذلك فاتحة العلاقات ثم نري ماذا يكون |
فانبسط وجه جلنار وكان انبساطه جوابا كافيا للضحاك فتناولت ريحانة طرف |
الحديث عنها وقالت لقد رايت صوابا يا ضحاك بورك فيك فافصح عن رايك مفصلا |
قال هذا رايي واضح لا يحتمل شرحا كثيرا فالمراد ان تبعث مولاتي الي ابي |
مسلم بما يدل علي تاييدها لدعوته ورغبتها في رضاه واشتراكها في امره ونري |
ما يكون منه قالت ريحانة اظنك تعني ان ترسل المال اليه قال المال وغير |
المال كما تشاء فقطعت جلنار حديثهما قاءلة فهمت ولكن ونظرت في وجه ريحانة |
كانها تستطلع رايها في امر واحد لا تريد التصريح به بين يدي الضحاك فادركت |
ريحانة شيءا في خاطرها فنهضت وهي تقول اظنك يا مولاتي تعبت من السهر ففهم |
الضحاك مرادها فنهض وحني راسه ويداه علي صدره كانه يستاذن مولاته في الذهاب |
وقال اني رهين ما تامرينني به ولو كان طريقي الي مرضاتك علي اسنة السيوف |
قال ذلك وخرج الفصل الخامس عشر الهدية فسرت جلنار بذلك ونهضت ومشت نحو |
غرفتها وهي تسترق الخطي مخافة ان يسمع وقع قدميها اما ريحانة فانها اطفات |
السراج وسارت في اثرها حتي وصلتا الي غرفة جلنار فدخلتا وتوسدت جلنار |
فراشها وتغطت باللحاف والتفت بالمطرف دفعا لما احست به من البرد في اثناء |
مرورها في الرواق وجلست ريحانة بين يديها وقد لفت راسها وحول عنقها بالشال |
فلما استقر بهما المقام قالت ريحانة قد فهمت اعتراضك يا مولاتي قالت فما |
رايك الا ترين اني اواجه مشكلة صعبة قالت ريحانة اذا كنت محقة في ظني |
فالمشكلة علي صعوبتها لا نعدم وسيلة لحلها فقطعت جلنار كلامها قاءلة وكيف |
نستطيع الحل واراني كحجر بين مطرقتين ان والدي من جهة قد وعد بزواجي من ابن |
الكرماني وسازف قريبا اليه واري نفسي من جهة اخري مقيدة القلب وتنحنحت |
وبلعت ريقها حياء وانا مع ذلك لا ادري اذا كانت المحبة متبادلة فكيف اتخلص |
من امر والدي وماذا يكون امري اذا لم تكن المحبة متبادلة قالت ذلك وشرقت |
بريقها واحمرت وجنتاها او زادتا احمرارا لان وجهها كان قد تورد من الدفء |
واعمال الفكرة ولحظت ريحانة في عينيها دمعتين تترددان بين الماقي فتاثرت |
لحالها وشعرت بخطر موقفها فبادرت الي التخفيف عنها فقالت اما ابن الكرماني |
فليس امره مهما لانك لو زففت اليه من الغد فبقاءك عنده لا يكون الا |
بانتصاره علي ابي مسلم فاذا انتصر عليه فابو مسلم لا يليق بك واما اذا كانت |
الغلبة لابي مسلم فانت له لا محالة لانه يستولي علي كل ما هو للكرماني واذا |
كنت تكرهين هذا العريس وترومين بعده فلك من حكمتك وحسن اسلوبك ما يضمن |
بقاءك عنده مدة طويلة وانت مصونة كانك في بيت ابيك فادركت جلنار ما تعنيه |
ريحانة وقد اخجلها لكن سرورها بهذا الحل هون عليها ذلك التعريض فابتسمت |
والانقباض ينازع الابتسام في وجهها فعادت ريحانة الي حديثها فقالت بقي |
علينا النظر في الوسيلة الي ابي مسلم والحق يقال ان هذا العربي المهزار قد |
راي رايا حسنا فلا غرو اذا وقع لديك موقع الاستحسان لان زيارتك لابي مسلم |
بدون علم او مبادلة سابقة لا تخلو من الابتذال فالذي اراه ان ترسلي اليه مع |
الضحاك مبلغا من المال علي سبيل الاعانة والضحاك يفهمه باسلوب لطيف انك |
بعثت بهذه الهدية حبا فيه وفي دعوته ونري ما يكون من جوابه واذا رايت ان |
ترسلي اليه هدية خاصة تءكد محبتك فعلت فاشرق وجه جلنار لهذا الراي وكانت |
متكءة فجلست وقالت لقد اعجبني يا ريحانة رايك الاخير لان ارسال الهدية |
الخاصة استطلاع لراي ابي مسلم في فما عسي ان تكون تلك الهدية قالت اجمل |
هدية تهدي للقواد السيف فاذا بعثت اليه بسيف مرصع وبلغه الرسول انه هدية |
منك اليه ازداد اعتقادا بسلامة نيتك في نصرته واذا كان في نفسه شء ظهر |
فقالت ومن اين اتي بهذا السيف قالت ذلك هين علي من يبذل المال فاعط الضحاك |
مالا وفوضيه ان يبتاع سيفا فما هو الا ان يذهب ويعود اليك بالسيف في نحو |
ساعة ففرحت جلنار بهذا التدبير وقالت اني اترك تدبير هذا الامر اليك واما |
النقود فهي عند الخازنة خذي منها ما تريدين واحذري ان يعلم والدي بشء من |
هذا التدبير فنقع في مشكلة يصعب حلها قالت كوني مطمءنة يا مولاتي فلا يكون |
الا الخير ان شاء الله والان خففي عنك ونامي وعلي تدبير كل شء ثم قبلت |
راسها ويدها وخرجت حافية حتي عادت الي غرفتها ولا نظن ان جلنار نامت في تلك |
الليلة الا قليلا لعظم اضطرابها فلندع هءلاء في تدبيرهم ولنرجع الي ابي |
مسلم فقد تركناه في دار الضيافة ومعه خالد بن برمك وقد ناما وابو مسلم قلما |
غمض جفنه وهو يفكر في مشروعه وفيما عساه ان يحول دونه من العقبات وكان ابو |
مسلم شديد الحذر متيقظ الخاطر سيء الظن في المستقبل لا يامن كوارث الاحداث |
فكان وهو في فراشه سابحا في بحار التاملات يفرض الممكنات ويهيء الاسباب |
حذرا من الفشل وبعد ان نام هزيعا من الليل افاق علي هبات الرياح وقصف الرعد |
وسقوط الامطار فشق عليه ذلك مخافة ان تحول الظروف دون مسيره فلما استيقظ |
نهض من الفراش واطل من نافذة غرفته الي ما حوله وكان المطر قد انقطع والصبح |
قد تبلج فراي المياه قد ملات الطرق وسالت في اخاديد الارض فتحول الي غرفة |
خالد ولم يكد يدخلها حتي راه خارجا منها وقد تزمل بعباءته وتخمر بعمامته |
فصاح فيه ابو مسلم خالد فقال لبيك ايها الامير قال ما رايك في صاحب الخبر |
الذي بعثناه بالامس هل تظنه تمكن من التجسس قال لا اظنه الا فعل واذا ابطا |
علينا فلا يءخره الا المطر والوحال لانه من اهل النجدة والهمة قال اني في |
انتظاره علي مثل الجمر لنعلم حال اعداءنا في مرو فنتدبر في حربهم قال خالد |
ذلك هو الامر الذي شغل خاطري الليلة وحرمني النوم علي اني واثق بالرجل |
واخلاصه لانه يخشي غضبك وهو يكره نصر بن سيار كرها شديدا قال ابو مسلم ليس |
في معسكرنا من يحب نصرا ولكنني اخاف ان يخدعهم الكرماني لانه من دهاة |
الرجال وقد بلغني انه اخرج نصرا من مرو وتملكها وبينما هما في ذلك اذ سمعا |
حركة في داخل الدار واذا ببعض الغلمان قد اقبلوا وهم يحملون موقدا فيه نار |