Datasets:

arbml

/

Arabic_Literature

like 0

قد تجمرت وضعوه في احد جوانب الغرفة للاستدفاء وذروا فيه شيءا من البخور

فانتشرت راءحته في الدار كلها فاستانس ابو مسلم بالدفء والبخور وجلس علي

وسادة فوق البساط والتف بمعطف من خز اسود ولف عمامته علي راسه بغير نظام

واشار الي خالد فجلس الي جانبه ثم تذكر انه لم يصل بعد فنهض ونهض معه خالد

وصليا الصبح وجلسا وكلاهما يفكر في امر الرجل الذي ارسلاه ليتجسس احوال مرو

قبل وصولهم الي تلك المحلة وكانا قد اوعزا اليه ان يوافيهما الي هناك الفصل

السادس عشر ابو مسلم والضحاك وبعد هنيهة جاء الخدم بالطعام فاكلا وغسلا

ايديهما ولم يتكلما الا قليلا لان ابا مسلم كان قليل الكلام جدا وفي نحو

الضحي دخل احد غلمان ابي مسلم واوما انه ينقل رسالة فقال ابو مسلم ما وراءك

قال ان في الباب رجلا يطلب مقابلة الامير قال ابو مسلم العله من رجالنا قال

كلا بل هو من رجال الدهقان فقال ابو مسلم فليدخل فدخل الضحاك وهو يحمل

خريطة قد اثقلت كاهله فوضعها بجانب الموقد واغلق الباب ودخل وهو يتادب في

مشيته حتي وقف بين يدي ابي مسلم فصاح به ابو مسلم من انت وما غرضك قال اني

من موالي الدهقان ولي مع الامير شان اذا سمح بخلوة بثثته اياه وكان الضحاك

يتكلم وهو يحاول اخفاء امارات المجون من وجهه ولم يتم كلامه حتي نهض خالد

وخرج فاشار ابو مسلم الي الضحاك ان يجلس فاكب علي يد ابي مسلم يقبلها وهو

يقول قد اتيت مولاي الامير بمهمة سرية ارجو ان يكتمها لوجه الله وانا رسول

وما علي الرسول الا البلاغ قال قل ولا خوف عليك فمد الضحاك يده واخرج من

تحت عباءته سيفا مرصعا دفعه الي ابي مسلم ولما راي ابو مسلم السيف اجفل

لاول وهلة مخافة ان يكون في الامر دسيسة او اغتيال فقطب وجهه ونظر في وجه

الضحاك وامارات الغضب والحذر بادية في عينيه فضحك الضحاك ضحكة يمازجها شء

من البله وقال ايخاف صاحب هذا الجند من مهذار مثلي جاء بهدية ومن يجرء علي

ان يقدم علي الامير بغير الطاعة والخضوع اني اري الموت بين شفتيك والقضاء

المبرم في عينيك فبالله الا تبسمت قبل ان اقع قتيلا قال ذلك وهو يتظاهر

بالذعر او هو ذعر فعلا لان ابا مسلم كان شديد الهيبة لا يستطيع احد التفرس

في وجهه فتكلف ابو مسلم الابتسام وهو يتناول السيف بيده وليس في ابتسامته

ما يدعو الي الاستءناس او السكينة ولما تناول السيف تامله وقلبه بين يديه

ثم نظر الي الضحاك وكان لا يزال واقفا وقال اجلس فجلس متادبا وهو يتلفت

يمينا وشمالا فقال له ابو مسلم ما شانك يا رجل اني اراك عربيا فتراجع

الضحاك واظهر الخوف وقال وهل علي باس من وصية الامام فلم يتمالك ابو مسلم

عن الضحك من حركاته وهيءته وكان يندر ان يضحك ثم قال ان وصيته لا تجري علي

كل عربي لان الامام نفسه عربي فكن مطمءنا وقل ما شانك فنظر الضحاك نحو

الباب نظر الخاءف المحاذر وقال اتوسل الي مولاي اولا ان يكتم ما سيدور بيني

وبينه فقد جءته بامر ارجو ان ينفعه واذا ذاع اضرني قال قل لا باس عليك اننا

كاتمون امرك قال اعلم يا سيدي ان مولاتي الدهقانة جلنار هل تعرفها فوجم ابو

مسلم لحظة ثم قال اليست هي ابنة الدهقان صاحب هذه المحلة قال هي بعينها

اظنك تعرفها فاعلم يا مولاي انها شهدت مجلسك بالامس وقد سحرت بما شهدته من

حميتك واعجبها الامر الذي انت قاءم به وعلمت بما دفعه ابوها واحبت ان تخص

نفسها بمال تدفعه هي من جيبها الخاص فبعثت بجانب منه في هذه الخريطة واوما

نحو الخريطة علي شرط الا يعلم احد بذلك وخاصة اباها وهي لا تلتمس في مقابل

ذلك الا رضي الامير اعزه الله ثم انها بعثت اليك بهذا السيف المرصع علي

سبيل التذكار وهو قديم فيه سر عظيم ولم يحمله احد الا هزم عدوه فاعاد ابو

مسلم نظره في السيف وتناوله واستله من قرابه وتامل فرنده فاذا هو يلمع

كالزجاج وفيه تموج بديع فقال يظهر انه مسموم قال اظنه كذلك لان مولاتي قالت

لي انه لم يصب به احد الا مات لساعته ولو كان جرحه خفيفا فقال انها هدية

ثمينة ثم ماذا قال عندي كلمة اخري احب كتمانها حتي عن الدهقانة نفسها فاذا

عاهدني الامير بذلك بحت له بها والا لا يهمني لو قتلني بهذا السيف الساعة

واراحني من حياتي فاستغرب ابو مسلم قوله وطريقة تعبيره واستانس بخفة روحه

فقال له قل ما تشاء ولا تخف قال وهل تعدني انك لا تغضب من جسارتي قال قلت

لك لا تخف قال ان مولاتي الدهقانة اجمل اهل عصرها وما من امير ولا دهقان

الا ويتمني رضاها ولكنها تمنع نفسها عن كل طالب ولم يمل قلبها الي احد حتي

الكرماني امير العرب المحاصرين مرو فانه طلبها لابنه ورضي ابوها واما هي

فقلبها نافر منه وقد تطيع اباها وتذهب الي الكرماني ولكنها اذا سارت اليه

فقلبها لا يسير معها لانه متعلق برجل اعظم منه واعظم من كل رجل في خراسان

هل ياذن لي مولاي ان اذكر اسم ذلك الرجل فادرك ابو مسلم انه يشير الي حبها

اياه ولم يكن قد فاته ذلك من قبل فقال اذكر اسمه الا اذا كان داخل هذه

الغرفة فقال كانك تامرني الا اذكره لانه داخل هذه الغرفة ولكنه ليس انا

وضحك فلم يتمالك ابو مسلم عن الضحك ثم قال لقد اعجبني اسلوبك يا رجل فانك

خفيف الروح فقال وماذا ينفعني اعجابك يا سيدي وانا اخاف ان اذكر اسمك قال

قلت لك لا تخف فما انا ناقم علي جسارتك لانك علي ما يظهر لا تعرف عني كثيرا

قال انا اعلم عن مولاي الامير اكثر مما يظن ولذلك فاني لا اقصد برسالتي هذه

ان اكلفه ما لا يريده ولكنني تعهدت لصاحبة هذه الهدية برضي ابي مسلم عنها

ويجوز ان يكون ذلك الرضي ظاهريا فقط ثم لا اخفي عن حامل علم الامام ان نظرة

منه تشف عن رضا او ارتياح تجعل هذه الفتاة المفتونة الة في يده قد يستخدمها

في امور تنفعه ولو كانت في فسطاط الكرماني نفسه او في قصر نصر بن سيار صاحب

مرو اذ تكون اقدر علي خدمته وهي هناك وان كان ما ترجوه من ابي مسلم اضغاث

احلام لا يصح منها شء وعهدي بالامير لا يحتاج الي تصريح فاطرق ابو مسلم

هنيهة وهو يعمل فكرته ويتدبر ما سمعه من الضحاك فراي قوله لا يخلو من

النصيحة ولكنه امسك عن الخوض معه في ذلك ثم رفع السيف من بين يديه ووضعه

وراء الوسادة ونظر نحو الباب فادرك انه يريد انصرافه فوقف وهو يقول يامر

مولاي خازنه ان يستلم هذه الاكياس ومشي نحو الخريطة بقرب الموقد فصفق ابو

مسلم فدخل حاجبه فقال الي بالخازن فخرج الحاجب وعاد ومعه ابراهيم الخازن

فلما دخل ابراهيم وراي الضحاك في خلوة مع ابي مسلم اوجس خيفة ولكنه ما لبث

ان سمعه يقول خذ من هذا الرجل ما يعطيه لك وقيده في دفاترك فتحول نحو

الضحاك ففتح الضحاك الخريطة واخرج منها عشرة اكياس مختومة وقال له هذه عشرة

اكياس في كل منها الف دينار يوسفية واطال لفظ يوسفية فتناولها الخازن وقد

فهم اشارته ولكنه ادرك انه يقول ذلك علي سبيل المجون فتناول الاكياس وهو

يقول ممن هي فقال ابو مسلم قل هي مني وكفي فحملها ابراهيم وخرج وهو لا يصدق

انه نجا من شراك الضحاك وبعد خروج ابراهيم عاد الضحاك نحو ابي مسلم وانحني

يقبل يديه ثم خرج الفصل السابع عشر صاحب الخبر ولبث ابو مسلم هنيهة بعد

خروج الضحاك وهو مطرق يفكر فيما سمعه منه وقد توسم في هذا الرجل غير ما

يظهر من مجونه وبلهه وقال في نفسه لا يخلو هذا العربي المهذار من دهاء

مستور وفكر في امر جلنار وتعلقها به وكان قد لحظ ميلها اليه من قبل ولم

يعبا به فراي بعد ما سمعه من نصيحة الضحاك ان يغتنم شغفها به لاتمام مقاصده

في مهمته قضي ساعة في نحو ذلك واذا بالغلام يدخل وقد علق بعنقه جرابا فيه

البخور والند وذر شيءا في الموقد فلما راه ابو مسلم تذكر خالدا فصاح فيه

اين الامير خالد فقال هو يا سيدي في الحديقة يكلم رجلا قادما من سفر فقال

ادعهما الي معا وقد ترجح عنده ان القادم صاحب الخبر الذي ينتظرونه علي مثل

الجمر وما عتم ان دخل خالد وهو يبتسم ويقول لقد جاء صاحب الخبر يا امير هل

يدخل قال يدخل حالا ودعا خالدا للجلوس وكان ابو مسلم يعتقد في خالد العقل

والدهاء ويخصه بالمشورة ولا يخفي عنه شيءا فجلس خالد بجانب ابي مسلم ثم دخل

الرسول وهو لا يزال بملابس السفر عليه العباءة وعلي راسه الكوفية فوق

القلنسوة وقد تجمدت العباءة مما تعرضت له من الامطار والعواصف خلال الليلة

الماضية فلما دخل القي التحية ووقف فقال ابو مسلم لعلك هنا من زمن طويل قال

منذ ساعة او ساعتين قال ابو مسلم وما الذي اخرك عن الدخول علينا قال كنت في

انتظار الاذن قال ابو مسلم ليس علي صاحب الخبر من حرج ولا ينبغي ان يءخر

اذنه والتفت الي خالد كانه يستطلع رايه في ذلك فاجاب خالد باشارة من راسه

ان ذلك هو الصواب ثم امر حاجبه ان يغلق الباب ويخرج واشار الي الرسول ان

يجلس فجلس متادبا فقال له ابو مسلم ما خبرك وكيف فارقت مرو قال فارقتها

والحصار شديد عليها والاعداء محدقون بها قال ابو مسلم اظنك تعني ابن